فهمت ثراء ما ترمى اليه الطبيبة فأشارت اليها بالموافقة عندما بدأت الطبيبة بالاقتراب منها قطبت حاجبيها بتعجب قائلة:
–ثراء انتى قولتيلى متجوزة بقالك قد ايه
ردت ثراء قائلة:
–من حوالى شهر ونص يا دكتورة ليه خير فى حاجة ولا ايه
رفعت الطبيبة رأسها قائلة:
–مستحيل تكونى متجوزة من شهر ونص انتى لسه عذراء يا ثراء انتى لسه بنت زى ما أنتى
اعتدلت ثراء وهى لا تصدق ما تسمعه قائلة:
–ازاى حضرتك يعنى الكلام ده ثم انا اسمع ان فى بنات بتبقى كده حتى لو هى متجوزة
اجابتها الطبيبة قائلة بثقة:
–دى بتبقى حالات نادرة يا ثراء بس انتى مش منهم انتى طبيعية جدا يعنى اى تقارب بينك وبين جوزك كانت هتبقى الدنيا عادى بس الظاهر قدامى ان اصلا محصلش حاجة بينكم خالص
اعتدلت ثراء وهى لا تعى بعد ما تسمعه من تلك الطبيبة ولكن كيف ذلك؟ فهى تتذكر أوقاتهم الخيالية سويا فكيف لتلك الطبيبة أن تخبرها بما أخبرتها به للتو فلا شك أنها مخطئة ،أنزلت ثراء قدميها تنتعل حذاءها
تنظر للطبيبة قائلة:
–اكيد حضرتك غلطانة انا جوازى طبيعى جدا ثم مش عايزة حضرتك تقولى لحد على الموضوع ده
هزت الطبيبة راسها بتفهم فبالأخير تلك أسرار يجب الحفاظ عليها خرجت ثراء من الغرفة وهى تشعر كأنها على وشك فقدان وعيها وجدت زوجها مقبلا عليها عبر ذلك الرواق الطويل بالمشفى
أقترب منها قائلا بلهفة:
–ثراء انتى كنتى فين كنت بدور عليكى فى كل مكان فى المستشفى
تنهدت ثراء قائلة بخفوت:
–أصل كنت فى الحمام واتأخرت شوية
رفع يده يضعها على وجنتها قائلا:
–مش تقولى يا حبيبتى خوفتينى عليكى لما بصيت ملقتكيش متعمليش كده تانى يا نور عيونى
ظلت عينيها متسمرة على وجهه وهى لا تفه بكلمة واحدة حتى هو تعجب من صمتها
فرفعت يدها تزيل يده من على وجنتها قائلة:
–خلاص انا جيت اهو بابا وماما فين
احتضنها كفها بيده يسيران بجوار بعضهم البعض فالتفت اليها قائلا:
–هم لسه موجودين جوا فى المكتب
دلفوا سويًا مرة أخرى الى غرفة مكتب جمال سمعت ثراء الحديث الدائر بين كافة هؤلاء الأفراد فهى رأت سميرة تبكى متشبثة بحسام لا تريد تركه وهى تردد بكلمات الرفض
قائلة بدموع اغرقت وجهها:
–لاء حسام حفيدى ومحدش هياخده منى لاء لاء
صرخت بتلك الكلمة الرافضة اقترب منها رضوان يربت على يدها ودموعه منفطرة من عيناه هو الآخر قائلا:
–دا طلع ابنهم يا سميرة وحقهم ياخدوه اتحرموا منه سنين طويلة
–لاء لاء يا رضوان دا حفيدنا احنا أنا اللى ربيته شوفته بيكبر قدام عينى يوم ورا يوم محدش هياخده منى
قالتها سميرة وزادت من ضم حسام لها وهو أيضاً لا يريد تركها فهو حتى ليس لديه الوعى الكافى لتحمل تلك المفاجأة او اذا صح القول الصدمة فمد يده يزيل دموعها بطرف أصبعه قائلا بحنان:
–متخافيش يا تيتة مش هسيبكم انا هفضل معاكم
أقتربت منه فيروز وهى دامعة العينين هى الاخرى ترجوه قائلة:
–ابوس ايدك يا ابنى خليك معانا انا عشت بنار ان فاكرة انك مت متحرمنيش ان أفرح بيك وبرجوعك ليا ابوس ايدك يا حاجة سبيهولى
وقع حسام فى حيرة من أمره فامرأة سهرت على راحته أعواماً وهناك امرأة اخرى أنجبته لهذا العالم وليس لديها يد بما حدث بل خدعت هى وزوجها
اراد جمال حسم ذلك الأمر فأقترب منهم قائلا:
–حاج رضوان حاجة سميرة حسام مش هيسيبكم ولا هيسبنا احنا هنعيش كلنا مع بعض
رفع رضوان رأسه بعد سماع ما تفوه به جمال ينظر اليه بغرابة قائلا:
–نعيش مع بعض ازاى يعنى يا دكتور جمال مش فاهم
اقترب منه جمال قائلا بابتسامة:
–هتعيشوا معانا فى بيتنا هتعيشوا مع حفيدكم وهيبقى معاكم
اكدت فيروز على صحة قرار زوجها قائلة:
–ايوة ولو مشلتكوش الأرض اشيلكم على رأسى من فوق كفاية انكم ربيتوا ابنى احسن تربية وعلمتوه وحبتوه وحافظتوا عليه انا هعيش مديونة ليكم العمر كله الله يباركلكم وافقوا
اقتربت فيروز من سميرة تريد تقبيل يدها فسحبت سميرة يدها سريعاً:
–مينفعش كده يا هانم ميصحش اللى بتعمليه ده
ابتسمت فيروز من خلف دموعها قائلة:
–اعتبرينى بنتك وانا والله هسهر على راحتك انتى والحاج رضوان بس خلوا حسام يعيش معانا عايزة أشبع من ابنى عيزاه قدام عينى الله يباركلكم توافقوا مش هقدر يبعد عن عينى وعن حضنى تانى دا انا كنت كل سنة فى يوم عيد ميلاده افضل حاضنة هدومه واقعد أعيط مش عايزة أتحرم منه تانى
لم تستطيع سميرة نكران شعورها بالشفقة على دموع تلك الأم التى تم خداعها وسلبها أبنها بخدعة دنيئة من إمرأة حقودة فظلت سميرة تنظر لزوجها لا تعرف ماذا تقول؟
ولكن بعد العديد من المجادلات والرجاء من فيروز وجمال وافق حسام على الاقامة معهم فى حين أن يقيم معه رضوان وسميرة أيضاً فهو لا يستطيع العيش بدونهم فهو حتى بعد أكتشافه أنه ليس حفيدهم فهو يشعر بالحب الشديد لهم فهم من قاموا برعايته وحمايته طوال سنوات طويلة واذا تركهم سيكون بذلك ناكر للجميل
________
دلفت فايزة الى ثلاجة الموتى “المشرحة” باحدى المستشفيات للتعرف على جثة شقيقها قام الطبيب المختص برفع الغطاء الأبيض عن وجهه ارتدت فايزة خطوات للخلف وهى ترى شقيقها أشرف قتيلاً
فصرخت صرخة مدوية هزت ارجاء المشفى قائلة:
–لاااااااااااااء أشرف اصحى فوق يا أشرف أصحى يا حبيبى لاء هتسيبنى لمين أصحى
اقتربت من جثمان شقيقها ظلت تهز جسده كأنها بذلك ستعيد اليه الحياة ظلت تنتحب بقوة ودموعها أصبحت كطوفان أغرق وجهها
ظلت تدب على صدرها قائلة:
–يا خرابى يا خرابى اخويا راح منى لاء ازاى ده حصل اخويا اللى حيلتى من الدنيا ضاع منى يا مصيبتى
استطاع احد الممرضين ابعادها عن الجثمان بصعوبة لاجراء الخطوات الاخيرة قبل الدفن ظلت فايزة تضحك بقوة وهى تبكى بذات الوقت نظر اليها العاملين فهى ربما أصيبت بصدمة أثرت على عقلها فقاموا باخراجها من الغرفة وذهبوا بها لغرفة اخرى لحقنها بمهدأ بعد ثورتها العارمة من الضحك والبكاء معا
–هههه بيقولوا أشرف اخويا مات دول مش عارفين حاجة دا نايم هو بس نومه تقيل شوية صحوه يلا قولوله أختك فايزة جت بقى ويبطل هزار خليه يقوم بقى وانا مش زعلانة من هزاره معايا خلوه يقوووووووووم
صرخت بجملتها حتى ارتعدت جسد الممرضة التى تحاول إحكام قبضتها على ذراعيها حتى يستطيع الطبيب حقنها بالمهدأ ،بعد أن تم حقنها ظلت تهمهم وهى على وشك أن تغفو قائلة:
–يا أشرف يا حبيبى تعال يلا
ظلت تنادى شقيقها حتى غفت بالنهاية نظر الطبيب للممرضة وهو يلتقط أنفاسه بعد أن ظل يجاهد لإسكاتها
–شوفوا اى حد من أهلها علشان ييجى يستلمها ويستلم الجثة شوفوا عنوان بطاقتها أو تليفونها وشوفوا حد من قرايبها
هزت الممرضة رأسها موافقة بحثت بجيوب فايزة حتى وجدت هاتفها ظلت تبحث بالأرقام حتى وجدت رقم تم تسجيله باسم ” منير جوزى” بدون تردد ضغطت الممرضة على الرقم جاءها الرد من منير قائلا
–أيوة مين معايا
ردت الممرضة قائلة بسرعة:
–حضرتك مراتك اسمها فايزة هى موجودة هنا فى المستشفى عندها انهيار عصبى بعد ما شافت جثة أخوها مقتول
انتفض منير قائلا بصدمة:
–أشرف اتقتل!
أنهى المكالمة سريعاً مع الممرضة يرتدى ثيابه لم يتردد ثانية واحدة للذهاب لرؤية ماذا حدث ويتيقن مما سمعه للتو من تلك الممرضة على الهاتف
_______
فى تلك الغرفة المظلمة فتحت سيرين عينيها بتعب نظرت حولها وجدت شقيقها مقيد هو الآخر بالمقعد المجاور لها فتذكرت أنها كانت تحزم أمتعتها هى وشقيقها لمغادرة البلاد بعد معرفتهم بأن عباس ومتولى أدلوا بأوصافه للضابط المسئول وتعرف جمال على صورته وإصدار أمر بالقبض عليه
نادت عليه قائلة:
–شريف شريف أصحى هو فى ايه
جاهد شريف على فتح جفونه بعد سماع صوت شقيقته :
–مش عارف انا كل اللى فاكرة أن احنا كنا بنجهز شنطنا واتنين دخلوا علينا وضربونا على دماغنا وبعد كده مش فاكر حاجة
حاولت سيرين فك يديها المقيدة بطرفى المقعد الجانبين حتى شعر بألم برسغها من ضغط الحبال على يدها فهتفت بنزق :
–ايه ده هو االى ربطنا رابطنا كده ليه ومين اللى عمل فينا كده مش معقول يعنى اتقبض علينا واحنا دلوقتى فى القسم
–أنا اللى عملت كده يا سيرين
تناهت تلك الجملة إلى مسامعهم وهم يرون عزام يدلف ومن خلفه إثنان ضخام الجثة
اذدردت سيرين لعابها عندما حاولت الكلام خرج صوتها ضعيفاً:
–ععزام هو أنت أنت ليه عملت فيا كده فى حد يعمل فى مراته كده
أرتد رأس عزام للخلف ضاحكاً بصوت عالى ربما أجفلت منه سيرين وشريف فأقترب منها يرفع وجهها بيده يطالعها بخبث:
–مراتى اللى فاكرة نفسها شاطرة وكانت بتستغفلنى هى وأخوها أزيك يادكتور شريف
نظر إليه شريف بشر وهو يحاول فك قيوده المحكمة على يده وقدمه إلا أنه لا يستطيع التحرر منها
–أنت وأخوك كان لازم تدفعوا تمن السنين اللى قضتها فى السجن
أقترب منه عزام وعلى حين غرة هوى بيده على وجهه فى صفعة جعلت الدماء تسيل من فمه وشفتيه شد عزام شعره يحنيه للخلف قائلا:
–أنت مفكر ياض أنت واختك هتضحكوا على عزام الرافعى أنا عارف من ساعة ما الفيديو وصلنى وبعتلك الفلوس بس سيبتك تلعب شوية علشان لما تقع تحت ايدى متقومش تانى
حاولت سيرين استجداءه للصفح عنهم فهى تعلم ان عزام ربما سيجعل مصيرهم أسوء من مصير السجن
–عزام أرجوك سامحنا إحنا مش قصدنا أن إحنا نعمل كده
ترك عزام شريف ليعود إليها يمرر يده على وجنتها تستشعر هى بخوف يدب بأوصالها وبالجفاف فى حلقها
فابتسم بجانب ثغره على ملامحها الخائفة :
–متخافيش يا حلوة أنا مش هوسخ ايدى بموتكم لاء انا هربيكم بس وبعد كده البوليس يكمل تربيتكم
أشار بيده للرجلين خلفه بالتقدم فهتف بهم قائلاً:
–أنا عايزكم تعملوا معاهم الصح بس ياريت بسرعة علشان كمان نص ساعة والبوليس جاى
تقدم أحد الرجلين من شريف والآخر من سيرين ظلوا قرابة النصف ساعة وهم يصفعون ويركلون شريف وشقيقته حتى تدلت اجسادهم على مقاعدهم غير قادرين على الحركة والدماء تقطر منهم
نظر إليهم عزام قائلاً بشماتة :
–اشوفكم فى جهمنم
لوح لهم بيده وخرج يتبعه الرجلان وبعد دقائق دلف رجال الشرطة يلقون القبض عليهم فلم يستطيع أحد منهم التفوه بكلمة فالضرب جعلهم عاجزين حتى عن فتح جفونهم
_______
دلفت فيروز وهى ممسكة بيد حسام وبيده الاخرى ممسكا بيد سميرة ،التى احتضنت ذراعه تتشبث به تخشى ان تبتعد عنه فبعد خروجهم من المشفى ذهب أيسر للشركة وظل جمال بمشفاه فعادت ثراء برفقة والداتها وشقيقها
نادت فيروز على جليلة بصوت تخللته سعادتها الظاهرة للعيان
–جليلة جليلة تعالى
أتت جليلة تهرول بابتسامة كعادتها عندما تسمع احد يناديها من أسرة جمال فابتسمت قائلة:
–أيوة يا ست فيروز أؤمرى
أقتربت منها فيروز قائلة:
–جليلة الجناحين اللى فى الجزء اللى يخصنا هنا فى البيت افتحيهم ونضفيهم كويس علشان ابنى هيقعد فى واحد وجده وجدته هيقعدوا فى واحد
قطبت جليلة جبينها بعدم فهم قائلة:
–ابن حضرتك وجده وجدته انا مش فاهمة حاجة
ابتسمت فيروز على ملامحها المصدومة بعض الشئ قائلة:
–هفهمك كل حاجة بعدين بس فى ظرف نص ساعة يكونوا جاهزين يا جليلة
احنت جليلة رأسها احتراما قائلة:
–من عينيا الاتنين يا ست فيروز
هرولت جليلة سريعا لتنفيذ ما طلبته منها فيروز ،حضرت لبنى من خلفها ميرا التى كان فضولها كاد يقتلها لمعرفة ماذا ألت اليه أمور ذلك الشاب الذى زعمت إحدى السيدات إنه إبن عمها
فأقتربت لبنى قائلة بشئ من العجرفة:
–ايه يا فيروز خير هم رجعوا معاكم تانى ليه
طالعتها فيروز بنظرات حادة قائلة:
–علشان هو طلع ابنى وهيعيش معانا هنا وكمان الحاج رضوان والحاجة سميرة هيعيشوا مع حفيدهم يا لبنى
احتدت ملامح لبنى قائلة بضيق:
–يعنى ايه يعيشوا هنا انتوا كل شوية هتجبولنا حد وتخلوه يعيش معانا دا مبقاش بيت دا بقى دار إيواء
أشتعلت عينى حسام بالغضب الشديد فصرخ بصوت عالى نسبياً:
–أظن حضرتك تبطلى إهانات لحد كده مفهوم وان كان على القعدة هنا الله الغنى عنها مع ان ده حقى بحكم ان انا طلعت ابن الدكتور جمال يعنى ده بيتى زى ما هو بيتك ودلوقتى عرفت بنتك طالعة قليلة الادب ولسانها طويل لمين ومعندهاش دم
احتلت الصدمة وجوه الحاضرين مما تفوه به حسام ومن هجومه على لبنى فى الحديث أقتربت منه لبنى بعينين على وشك احراقه بنظراتها رغبت فى صفعه فهمت برفع يدها لتهوى بها على وجنته قائلة:
–انت واحد قليل الادب ومتربيتش كمان
الا انه التقط يدها قبل ان تلمسه نافضا إياها بغضب قائلا:
–علشان بس انتى بقيتى مرات عمى انا هحترمك غير كده كنت اتصرفت تصرف تانى
تدخلت فيروز لفض ذلك الاشتباك قائلة:
–اظن كفاية كده يا لبنى وانتى عارفة ان حسام هيبقى ليه هنا زيه زى شهاب وميرا ومش هسمحلك تضايقيه او تضايقى حد يخصه
ارتسمت ابتسامة على جانب فم ميرا وهى ترى ذلك الجانب المتمرد من حسام فانتبهت على نفسها فحمحمت قائلة:
–ماما يلا بينا مينفعش كده طنط فيروز قالتلك ده ابنها يعنى ده بقى دلوقتى ابن عمى انا وشهاب
رفع حسام احدى حاحبيه من تسليمها بأمر انه أصبح ابن عمها الا انه من داخله سعيد بتلك الفرصة الممنوحة له لرد اعتباره من ميرا فالان أصبح القدر بصفه
ظل رضوان يستمع للحديث الدائر شعر بالمهانة من حديث تلك المرأة المدعوة لبنى فهتف بزوجته قائلا:
–سميرة يلا بينا علشان نمشى ونرجع بيتنا
أقترب منه حسام يرجوه قائلا:
–جدى ابوس ايدك متبعدش عنى وخليكوا معايا
ابتسم له رضوان ابتسامة خفيفة فربت على يده قائلا:
–احنا معاك يا حبيبى وانت عارف طريقنا وابقى تعال زورنا يا حسام
انسلت دمعة من عين رضوان بعد ان تفوه بتلك الكلمات فرأته ثراء فبادرت قائلة:
–حضرتك البيت ده هيبقى بيتكم ومتزعلش من أى حاجة تسمعها من حد هنا انت قاعد فى ملك حفيدك ومحدش له حاجة عندك
بعد أن انتهت ثراء من حديثها نظرت للبنى تحذرها بعينيها أن تكف عن ازعاج الاخرين لم ينقذ ذلك الموقف سوى مجئ جليلة تخبرها بأن كل شئ على ما يرام
–ست فيروو كل حاجة تمام والاوض جاهزة
أشارت فيروز لرضوان وزوجته وحسام أن يتقدموها قائلة:
–اتفضلوا معايا علشان ترتاحوا على ما الغدا يجهز وحاجتكم توصل
صعدوا جميعا الى الطابق العلوى فتحت فيروز غرفة فسيحة بجوار غرفتها قائلة:
–دى هتبقى اوضتك انت يا حبيبى
فتحت اخرى تستطرد قائلة:
–ودى علشانكم يا حاج رضوان خدوا راحتكم والبيت بيتكم
صعدت ثراء هى الاخرى الى غرفتها ولجت للداخل جلست على طرف الفراش تخلع حذاءها تلقيه على الأرض ارتمت على الفراش ومازالت تتذكر ما حدث معها بالمشفى وعقلها يدور بكل اتجاه تحاول حل ذلك اللغز فكيف هى ما زالت عذراء ومن جهة اخرى هى تحيا مع زوجها حياة طبيعية فهى ولا شك ستصاب بالجنون الآن فكرت ان تنال قسطا من الراحة لعلها عندما تفيق تنظر للأمور بروية
سمعت صوت هاتفها يعلن عن وصول رسالة فتحت الهاتف وجدت رقم مجهول قرأت الرسالة كاملة:
–ازيك يا عروسة اخبار جوزك ايه مبسوطة بجوازك ولا عريس الغفلة عينيه زايغة على واحدة تانية
حركت ثراء الهاتف بين يديها قائلة:
–ايه ده وايه الرسالة دى ومين اللى بعتها ويقصد ايه بكلامه ده
ألقت ثراء الهاتف بجوارها على الكومود وهى تشعر بأن رأسها على وشك الانفجار اخذت وسادة صغيرة تضعها على رأسها لعلها بذلك تستجلب النوم الذى أصبح عاصياً على عينيها
_______
بعد أنتهاءه من دوامه بالعمل استعد للذهاب إلى المنزل الا انه فكر فى رؤية صافى وجدتها قبل ان يعود للمنزل فهو أصبح يشعر بمسئولية وواجب تجاههن ،خرج من الشركة ينظلق بالسيارة حتى وصل الى منزلهن طرق الباب
فتحت صافى الباب قائلة بابتسامة:
–اهلا يا استاذ أيسر اتفضل
حمحم أيسر معتذرا عن مجيئه قائلا:
–انا أسف لو كنت جيت فى وقت مش مناسب بس جيت اطمن عليكم
تنحت صافى جانباً قائلة:
–احنا الحمد لله كويسين اتفضل
ولج أيسر للداخل وجد فريدة تجلس تحزم أمتعتها فرفعت رأسها لترى من دلف للتو فابتسمت قائلة:
–اهلا يا ابنى اتفضل
جلس أيسر على احد المقاعد قائلا:
–انتوا مسافرين ولا ايه
ردت عليه صافى بصوت شابه الحزن قائلة:
–لاء احنا هنسيب البيت علشان صاحب البيت طردنا فهنشوف مكان تانى نقعد فيه
طغت المرارة على صوتها لتهبط دموعها التى لم تفلح فى كبتها نهض أيسر قائلاً:
–طب انتوا هتروحوا فين دلوقتى
اجابته فريدة قائلة بقلة حيلة قائلة:
–بلاد الله واسعة هنشوف اى مكان نقعد فيه
فكر أيسر أنه بإمكانه مساعدتهن فشقته القديمة مغلقة ولا يسكنها أحد حاليا فأقترح عليهن قائلا:
–طب انا عندى مكان ممكن تقعدوا فيه
نظرت اليه صافى قائلة:
–مكان ايه ده وفين ده
وضع أيسر يده بجيب بنطاله قائلا بهدوء:
–دى شقتى القديمة هى مقفولة وانا حاليا مش عايش فيها ممكن تعيشوا انتوا فيها
حركت فريدة رأسها رافضة وهى تقول:
–لاء يا ابنى كتر خيرك احنا هنتصرف كفاية اللى بتعمله معانا
ابتسم لها أيسر قائلا:
–متقوليش كده ولو كنتوا جاهزين يلا هوديكم هناك ومن غير اعتراض
لم تشأ اى منهن الاعتراض فهن لا يملكن مكاناً يعيشن به فربما اقتراحه هو الحل الأوحد فى ذلك الوقت العصيب ،أخذ أيسر حقائبهن ووضعها بالسيارة أخذهن برفقته حتى وصلا الى شقته القديمة أدار المفتاح بالباب ودلف للداخل ينير الإضاءة ولجت خلفه صافى وفريدة
فحمحم معتذرا:
–معلش هى الشقة بقالها فترة كبيرة مقفولة فالعفش مترب شوية
ابتسمت صافى قائلة بخجل:
–ولا يهمك انا هنضفها وشكرا على كرمك وذوقك
ابتسم لها أيسر قائلا:
–لاشكر على واجب ان هنزل اشتريلكم شوية حاجات للمطبخ
خرج أيسر من الشقة نظرت فريدة لحفيدتها المبتسمة المحيا :
–مالك يا صافى فى ايه واقفة متنحة ليه كده
انتبهت صافى على حالها فابتسمت لجدتها قائلة:
–ها ولا حاجة انا هغير هدومى علشان انضف الشقة
اخذت صافى حقيبتها الى إحدى الغرف وابدلت ملابسها بملابس بيتية وبدأت بتنظيف الشقة فكل شئ قد كساه الغبار ظلت تسعل بشدة بسبب كثرة الأتربة قائلة:
–يالهوى هى الشقة مقفولة بقالها قرن
ضحكت فريدة على وجه حفيدتها الذى كسته الأتربة قائلة:
–شكلك يضحك يا صافى وانتى وشك مبهدل تراب
شاركتها صافى الضحك سمعن صوت الجرس فتحت صافى الباب وجدت أيسر قد عاد يحمل بيده العديد من المشتريات الا انه لم يمنع ضحكته على وجهها المتسخ وملابسها التى بدت بحالة مزرية قائلا:
–هو انتى الانسة صافى ولا واحدة تانية
استاءت صافى قليلا من مزاحه معها قائلة:
–لاء انا ام سيد الشغالة
دلف أيسر ووضع ما بيده على الطاولة قائلا بمزاح:
–طب يا ام سيد الحاجات اهى وجبتلكم أكل جاهز علشان العشا
تلك هى المرة الأولى التى ترى بها صافى وهو يبتسم ويمزح فدائما ملامح تحمل الجدية او ربما يشعر بهموم تجعله دائما عابس الوجه
تقدمت منه فريدة قائلة:
–احنا يا ابنى تقلنا عليك أوى وكده كتير وتعباك معانا
ابتسم أيسر ابتسامة خفيفة قائلا:
تعبكم راحة انا همشى دلوقتى وده مفتاح الشقة
ناول المفتاح لفريدة قبل ان يغادر اغلقت صافى الباب خلفه تستند عليه وهى تطلق تنهيدة ترافقها ابتسامة عريضة
وصل أيسر إلى قصر الرافعى قام بركن السيارة بالمرآب صعد الى غرفته وجدها تغرق بالظلام الا انه وجد ثراء نائمة ابتسم وأخذ ملابس بيتية نظيفة ودلف الى الحمام قام بتشغيل الماء الذى تساقط على رأسه بقوة وهو مازال يفكر فيما فعله مع صافى وجدتها فهو يريد فعل اى شئ يشعره بالراحة التى أصبحت حلم مستحيل المنال بعد ان انتهى خرج وجد زوجته ما زالت نائمة جفف شعره ومشطه وأقترب من الفراش مرر يده على وجنتها بعشق
فتململت ثراء جراء لمسه لها فهتفت بنعاس:
–أيسر
رد عليها بنبرة عاشقة هامسا:
–نور عيونه
فتحت ثراء عينيها فوجدته جالسا بجوارها مبتسما لها اعتدلت بجلستها تتثائب قائلة:
–هى الساعة كام دلوقتى
نظر أيسر للساعة الموضوعة على الحائط المقابل لفراشهم قائلا:
–الساعة ٩ دلوقتى
مسحت ثراء وجهها بيدها قائلة :
–ياااه انا نمت ده كله دا انا نايمة من ساعة ما رجعنا من المستشفى
مد يده يداعب خصلات شعرها قائلا:
–يمكن علشان امبارح منمتيش كويس يا حبيبتى
أسندت ظهرها الى الوسائد الموجودة خلفها وهى مازالت تشعر انها تريد العودة للنوم ثانية الا إنها وجدته يقترب منها يعانقها لم تستطيع منعه فجسدها مازال واقعا تحت تأثير النعاس الا انه وجدت همهمة صادرة منه بصوت منخفض:
–بعشقك يا اغلى ما فى حياتى
حرارة وصدق صوته جعلاها تقع بحيرة من أمرها فكيف يتودد لها هكذا وبذات الوقت لم يحدث بينهم شئ عندما أرادت حسم أمرها بذلك الأمر وأقتربت منه أكثر تبادله عناقه لترى الى ما ستؤل الأمور ولكن عندما وصل الأمر إلى الحد الذى به سترى هل هى مخطئة ام لا وجدته يبتعد عنها قائلا:
–حبيبتى انتى تلاقيكى ما أكلتيش
حركت رأسها برفض قائلة:
–لاء ما أكلتش مليش نفس
إلا انه أصر على إحضار طعام لها فترك مكانه قائلا:
–هنزل اجيبلك أكل وكمان اجبلك كوباية عصير تشربيها
خرج من الغرفة عادت وتسطحت مرة اخرى على الفراش تفكر على اصراره دائما باحتساءها مشروبا قبل ان النوم بعد عدة دقائق وجدته يدلف يحمل بيه طعام لها ومشروب مرطب
وضعه أمامها قائلا:
–يلا يا حبيبتى كلى الاكل ده كله واشربى كمان العصير
حركت رأسها برفض قائلة:
–مليش نفس يا أيسر أكل بليز متغصبش عليا
رفع كوب العصير قائلا:
–طب حتى اشربى العصير بتاعك
اخذت منه الكوب وتركت الفراش وقفت بالشرفة تنظر للسماء وجدته يقف بجوارها فهتفت قائلة:
–حبيبى معلش هاتلى ساندوتش من اللى جبتهم علشان حسيت ان جوعت فجأة
ولج أيسر للداخل فسكبت هى محتويات الكوب بأكمله من الشرفة فعاد اليها فابتسم لها قائلا:
–انتى شربتى العصير
بادلته الابتسام :
–اه اصل جوعت وعطشت فجأة
جلست على تلك الأريكة المتأرجحة بالشرفة وأغمضت عينيها وجدته يجلس بجوارها ليبدأ بجذبها إليه وجدته يضمها اليه قائلا بهمس:
سامحينى يا قلبى
أيقنت ثراء بأن هناك شئ لا تعلمه وجدته يحملها ويعود للغرفة وضعها بالفراش ليستلقى بجوارها يذهب فى سبات عميق
فتحت ثراء عينيها تنظر إليه تهمس بداخلها:
–انا حاسة ان فى حاجة مخبيها عليا يا أيسر انا مبقتش فاهمة حاجة بس لازم اعرف انت مخبى عليا إيه
ظلت تفكر فى السبيل الذى يجب ان تسلكه لمعرفة ما يخفيه عنها فما حدث جعلها تتيقن من وجود شئ مريب يحدث إلا انها ظلت تبتهل بداخلها الا تنقشع الحقيقة عن شئ يؤذى قلبها وحبها له فهى لن تتحمل اوجاع العشق اذا خبأ لها القدر ما يجعلها تعيسة
________
دلف منير الى المنزل بارهاق بعد عودته من مشفى الأمراض النفسية والعصبية التى تم ايداع فايزة بها بعد حادث وموت شقيقها قابلته ضحى وهى تخرج من غرفتها قائلة:
–بابا عملت ايه النهاردة فى المستشفى و هى عاملة ايه
جلس منير على مقعد يريح قدمه وعظامه الواهنة قائلا بتعب:
–حالتها بتسوء أكتر يا ضحى وامتنعت عن الاكل والشرب
شعرت ضحى بالشفقة عليها بالرغم من أن فايزة لم تفعل معا شئ حسن يغفر لها عندها الا انها بعد معرفتها بما حدث لشقيقها وفقدانها لعقلها لم تشعر ضحى تجاهها سوى بالشفقة
فربتت على يد والدها قائلة:
–ربنا يشفيها يا بابا قوم غير هدومك على ما احضر لك الأكل
نهض منير من مكانه ذاهبا الى غرفته قام بتبديل ملابسه وخرج وجد ابنته وضعت الطعام على المائدة جلس يتناول طعامه بصمت الا انه سمع صوتها قائلة:
–بابا أنا هخرج أشترى حاجات لماكينة الخياطة عايز منى حاجة قبل ما أخرج
حرك منير رأسه موافقا قائلا بصوت منخفض:
–ماشى يا حبيبتى ما تتأخريش انا هاكل وأدخل أريح فى اوضتى شوية
تناولا بقية الطعام بصمت ذهب منير لغرفته قامت ضحى بجلى الأوانى قبل خروجها من المنزل ،أبتاعت ما يلزمها ثم عادت مرة أخرى أثناء تبديلها لثيابها سمعت رنين هاتفها وجدت إسم ثراء
فتحت الهاتف تجيب بابتسامة:
–اهلا بعروستنا القمر إيه أخبارك هو أيسر نساكى الدنيا ونساكى ضحى
تبعت ضحى حديثها بضحكة ممازحة كعادتها إلا أنها وجدت ثراء صامتة شعرت بالقلق فهتفت قائلة:
–مالك يا ثراء ساكتة كده فى حاجة
تنهدت ثراء بتعب وإرهاق لا تعرف ماذا تقول؟ ولكنها بامكانها أن تخبر ضحى بما يقلقها فهى صديقتها المقربة وهى على دراية بأن ضحى ستصون أسرارها فقصت لها ثراء ما حدث منذ ظهور شقيقها إلى ما أخبرتها به الطبيبة
ختمت ثراء حديثها قائلة:
–أنا مبقتش فاهمة حاجة ولا عارفة حاجة يا ضحى أنا حاسة أن هتجنن من التفكير
لم تجد ضحى ما تقوله فما تسمعه الآن ربما لا يصدقه أحد إلا انها استطاعت القول:
–جايز الدكتورة غلطانة يا ثراء شوفى دكتورة تانية ساعات برضه الدكاترة بيغلطوا
ثشبثت ثراء بحديث ضحى فربما الطبيبة مخطئة حقا فهى ستذهب لطبيبة أخرى لتتأكد ثانية مما سمعته ظلت تتحدث مع ضحى وقت طويل تحاول أن تتصرف بروية فهى تشعر بعدم الراحة وتريد أن يطمئنها أحد حتى لو ببضع كلمات
________
لم يمنع حسام نفسه من الابتسام وهو يرى فيروز تحضر له الطعام تناوله له بفمه كأنه طفل صغير فمنذ مجيئه وهى لا تفارقه تقريبا
فابتسمت قائلة وهى تضع الطعام بفمه قائلة:
–يلا يا حبيبى كل كويس وخلص اكلك كله ماشى
رد عليها حسام قائلا بمزاح:
–فاضل شوية وتقوليلى لو خلصت طبقك كله هوديك الملاهى
ضحكت فيروز على مزاحه فردت عليه قائلة:
–انت عايز تروح الملاهى يا حبيبى لو عايز تروح اوديك
فغر حسام فاه وهو يقول:
–تودى مين الملاهى دا انا بسم الله شحط يعنى يا ماما
شعرت فيروز بالسعادة فتلك هى المرة الأولى التى يناديها بتلك الكلمة فأقتربت منه تحتضنه بشدة قائلة:
–يا حبيبى حلوة منك اوى كلمة ماما
لم ينكر حسام شعوره بالانجذاب اليها والى ابيه وشقيقته تركته فيروز تدلف للداخل وجد ميرا تخرج متأنقة ويبدو عليها أنها ذاهبة إلى مكان ما فاستوقفها قائلا:
–انتى راحة فين
نظرت اليه ميرا بعدم فهم قائلة:
–بتسأل ليه وانت مالك
وضع حسام ساق على الاخرى يرتاح بجلسته قائلا:
–لاء ماهو مالى من هنا ورايح ولو كنتى خارجة راحة لحد من اصحابك العيال الفاشلة دى اللى ملهاش اى تلاتين لازمة فى الدنيا فاحسنلك تدخلى جوا
نفخت ميرا بضيق واستياء وهى تضع يدها بخصرها قائلة:
–لا والله على اساس انك ولى امرى يعنى ولا إيه
رد عليها حسام ببرود قائلا:
–انا ابن عمك واكبر منك وعارف مصلحتك
رفعت ميرا احدى حاجبيها قائلة:
–لا بجد الكلام ده ناقص تقولى ادخلى ومتلعبيش فى الطين انت شايفنى عيلة قصادك
نهض حسام من مكانه فشعرت بضألة حجمها أمامه الا انها لم تريد إظهار خوفها منه فناظرته بتحدى فنظر اليها نظرة متكاسلة :
–هو انتى كمان بتلعبى فى الطين مكنتش اعرف هى كلمة ومش هعيدها ادخلى جوا يعنى ادخلى وبعد كده مفيش خروج الا بأذنى
وصلت الى حافة صبرها من حديثه الفظ معها فارادت ضرب كلامه عرض الحائط وتنفذ ما برأسها الا انها وجدته يسد عليها الطريق بجسده يمنعها من الخروج دبت الارض بقدميها قبل ان تعود أدراجها الى الداخل
ابتسم هو على ملامح وجهها المستاءة قائلا:
–بنات مبتجيش الا بالعين الحمرا عيزانى اسيبك تخرجى كده وانتى شبه طبق المهلبية بالمكسرات والرجالة يعاكسوكى ده كان زمان يا بنت عمى
وجد ثراء تخرج هى الاخرى ابتسمت له ابتسامة خفيفة وجلست على المقعد المجاور له قائلة:
–انت كنت بتكلم نفسك
بادلها ابتسامتها قائلا بهدوء:
–لاء كنت بكلم ميرا بس دخلت جوا انتى كنتى عيزانى فى حاجة
فركت ثراء يدها بتوتر قائلة بصوت منخفض:
–لاء مفيش حاجة معينة بس حبيت اجى اقعد معاك تخيل كده الاقى ليا أخ مرة واحدة بعد ما عشت السنين دى كلها وحيدة وبعدين أنت ظهرت وطبعا بابا وماما وأنا فرحانين برجوعك لينا يا حسام
أبتسم لها حسام وهو لاينكر شعوره بالحب والعطف عليها فهى بالنهاية شقيقته الصغرى حتى وإذا لم يلتقيها سوى من أيام قلائل وجد نفسه يقترب من مقعدها يحتضن كفيها بين يديه :
–أينعم الظروف والأيام فرقتنا غصب عنا بس منكرش أن فى الأيام دى حسيت بالحب من ماما وبابا ومنك ومنكرش أن حبيتكم برضه جايز دا رابط الدم هو اللى مخلينى أحس كده ناحيتكم بس احب اقولك أن هحاول أكون الأخ اللى تتمنيه ولو فى حاجة مضيقاكى ممكن تقوليلى
وجدت ثراء الفرصة سانحة لسؤاله عن حياة أيسر قبل أن يعمل لديهم فبالنهاية حسام الصديق المقرب لأيسر وعلى الأغلب يعلم كل ما يخصه
–قولى يا حسام أنت تعرف إيه عن حياة أيسر بما أنك صاحبه وزى اخوه
خشى حسام هذا السؤال فربما هى تريد معرفة حقيقة زوجها ولكن لايستطيع البوح بشئ يخصه قبل أن يبادر أيسر بفعل ذلك وتبرير ما يفعله لزوجته فهو يخشى صدمتها إذا سمعت الحقيقة كاملة من أحد غير زوجها
ابتسم بتوتر قائلا :
–أعرف عنه اللى تعرفوه هعرف إيه زيادة يعنى بس الحاجة اللى متأكد منها أنه بيحبك أوى يا ثراء
نهض حسام من مكانه يريد الفرار من المكان قبل أن تسأله شئ آخر فهو يجب أن يتحدث مع أيسر بهذا الشأن فهو يريده أن يصارح شقيقته بكل شئ قبل أن تزداد الأمور تعقيدا
________
قلبت ثراء الغرفة رأساً على عقب للبحث عن أى شئ تستطيع به إستبيان تلك الحقيقة المخفية عنها فهى منذ قرابة النصف ساعة وهى تبحث بكل ركن من الغرفة بعد عودتها من عيادة ثانى طبيبة نسائية ترتادها وتأتى بذات النتيجة أنها مازالت عذراء، جلست بتأفف وتعب على أحد المقاعد وضعت وجهها بين يديها الا انها رفعت رأسها بعد تذكرها انها لم تفتش بثياب أيسر فاتجهت الى الغرفة المخصصة للثياب ظلت تبحث بين طيات ملابسه المطوية بعناية لم تجد شئ بحثت داخل ستراته ومعاطفه حتى وجدت بأحد المعاطف أقراص دواء
اخرجتها تنظر اليها بغرابة قائلة:
–بتاع ايه شريط البرشام ده
نظرت على الإسم فخرجت من غرفة الثياب تناولت هاتفها فتحت محرك البحث جوجل تبحث عن اسم تلك الأقراص التى بيدها حتى وجدته ظلت تمعن النظر والقراءة بمواصفات تلك الأقراص حتى اتسعت مقلتيها وهى تردد بذهول:
–الاقراص دى بتعمل هلاوس سمعية وبصرية
ما كادت ان تنتهى من قول جملتها حتى فُتح باب الغرفة وجدت أيسر يقف على الباب إلا أنه يفتح عينيه بصعوبة يترنح فى وقفته حتى وجدته يهتف باسمها:
–ثراء
ثم وجدته يقع مغشيا عليه فاقداً للوعى هرولت اليه تجثو بجواره ترفع رأسه بيدها قائلة بذعر:
–أيسر أيسر حبيبى مالك فى ايه
تحسست وجهه وجدت حرارة جسده مرتفعة للغاية بكت وهى تراه بين يديها ساكناً ترتجف شفتيه كمن يشعر بالبرد بيوم قارص البرودة فطفق يردد قائلا:
–ثراء سامحينى أنا أسف أنا….
يتبع…!!!!
اترك رد